نجوم الإعلام العرب كيف وصلوا الى الشهرة؟




بداية البث الفضائي وإنفتاح الكرة الأرضية على بعضها إعلامياً، سقطت الكثير من التابوهات في العالم العربي، الذي شهد بدوره حرية إعلامية أوسع، وحجزت البرامج الحوارية مكاناً بارزاً في صدارة المشهد، وباتت تستقطب جمهوراً كبيراً عندما أخذت تناقش وتعري كل ما كان مسكوتاً عنه من قبل، وخرجت عن نمطيتها المعتادة.
وكلما كنت أجرأ، كلما كنت ألأشهر وألأكثر متابعة، خصوصاً ان كنت تتحدث في السياسة و الدين و الجنس، فأفرزت هذه النوعية من البرامج نجوماً لا تقل أهميتهم، وشهرتهم، وأجورهم أحياناً، عن نجوم الفن والغناء.
كيف دخل هؤلاء مجال الإعلام، ووصلوا إلى الشهرة؟ وماهي اللحظة المهنية الفارقة التي غيّرت حياتهم ووضعتهم أمام الدرجة الأولى من سلم النجومية؟
 أسئلة نطرحها ويجيب عليها في هذا التحقيق، عدد من نجوم الحوار، يسردون من خلاله قصص نجاحهم، وتجاربهم الشخصية.

زافين قيومجيان (قناة المستقبل)
بدأ زافين قيومجيان كمتدرب في تلفزيون لبنان، تدرج من مراسل عادي، الى مراسل حربي ومذيع أخبار، ثم تحول الى برامج الحوار ذات الطبيعة الساخنة، تاب عن السياسة بعد إيقافه على تلفزيون لبنان، وانتقل الى محطة المستقبل وبقي فيها عمراً كاملاً .
يتذكر زافين البدايات، ويقول عن تلك المرحلة: "كان عمري 22 عاماً ولكن شكلي يوحي بأني في السادسة عشرة، بالإضافة الى كوني أرمنياً، والفكرة السائدة كانت آنذاك أن الأرمن لا يتحدثون اللغة العربية بشكل سليم، وبالتالي كان شكلي غريباً وإسمي غريباً، ولا أوحي بالثقة بأن لغتي العربية سليمة، زائد انني كنت خريج جامعة ال LAU وهي مشهورة بأنها لا تخرج طلاباً يجيدون العربية، لأن منهاجها أميركي، فكانت مهمتي في إقتحام المشهد الإعلامي صعبة جداً".
ويعترف بأنه إستعان بواسطة قوية ليحصل على فرصته كمتدرب في تلفزيون لبنان، وتم قبول واسطته على مضض على اعتبار أنه لن يكمل شهراً في المحطة، وسينهي فترة تدريبه ويذهب لحال سبيله.
ويقول ضاحكاً: " مع علمي بأنها فرصتي الوحيدة كان لا بد من أن أثبت لهم بأني ذكي، وموهوب، ونشيط، كانوا يكلفونني بالمواضيع الصغيرة الإجتماعية أو المنوعة، أو الانشطة مثلاً،  والتي تأتي في آخر النشرة، ولا تتجاوز مدة التقرير دقيقة أو دقيقتين.
زافين عندما كان مراسلاً بتلفزيون لبنان في أوائل التسعينات
    عودة الحريري ويرى زافين أن نقطة التحول الأول في حياته المهنية كانت قدوم رفيق الحريري الى لبنان، وبدء مرحلة إعادة الإعمار، فمن ضمن المؤسسات التي شملها إعادة النهوض كان تلفزيون لبنان الرسمي، ولم يكن هناك قانون إعلام في حينها، فجميع المحطات الأخرى كانت تعتبر غير شرعية وتعمل دون ترخيص.
"عثرة" حظ
يكمل زافين قصة صعوده للشهرة قائلاً: "جاء شخص يدعى فؤاد نعيم وإستلم ادارة المحطة، وكان مكلفاً بتقوية تلفزيون لبنان وإعادته لمجده السابق، وأول قراراته كان كسر الصورة النمطية (الكليشيه) لتلفزيون الدولة بأنه كلاسيكي، شاخ وضعف، بمقابل التلفزيونات الأخرى التي كانت في أوج تألقها كالمستقبل ، وال MTV، وغيرها.
وأراد وجها شاباً لحملة التغيير، ومن غيري يتعثر بنفسه وهو ينزل الدرج، وشكله واسمه غريبان، و"شعراته واقفين"، ( ويقسم ممازحاً بأن شعره كان كثيفاً في حينها) ، ويكمل متسائلاً: "من غيري يصلح لحملة كهذه؟".
ويستعيد ظروف لقائه الأول بالمدير الجديد: " لقاءنا الاول كان وأنا أتعثر أمامه على الدرج وأقع مصطدماً به، نظر الي وقال "هذا هو"، وقاموا بحملة إعلانية كبيرة، وأًصبحت وجه تلفزيون لبنان بحلته الجديدة، ومنحوني وقتها دوراً واسعاً، فبدأت بقراءة الأخبار، وأخذت أرافق الرئيس الحريري في رحلاته الخارجية، وأصبحت مراسل التلفزيون في القصر الجمهوري وفي الحكومة، ووجدت نفسي أنا الشاب الغر الصغير بين كبار رؤساء التحرير من وسائل الإعلام الأخرى.
وهذا منحني الفرصة للتواجد بقوة بجانب كبار مذيعي الأخبار في حينها مثل عرفات حجازي وسعاد العشي وغيرهم، ولأنني كنت أختلف عنهم بالشكل والعمر كانت فرصتي للبروز وبسرعة قياسية.

مذبحة قانا
ويعتبر مرحلة التسعينات انتقالية بلبنان ومليئة بالأحداث الكبرى، والسبق الصحافي كان متكرراً وحاضراً في مسيرته كمراسل لأنه كان يغطي الخبر الأول في النشرة في حينها، ولكن ربما القصة الأبرز والتي كرسته كصحافي جدي، ومراسل حربي هي إنفراده بالتغطية المباشرة لمذبحة قانا في نيسان  1996  أيام عناقيد الغضب.
يقول عن هذه التجربة القاسية: "كان تلفزيون لبنان قد استعاد مجده وشكل فريق عمل شاب، وكان ينافس ال LBC على الموقع الأول في حينها، كنا نتواجد في الجنوب لتغطية مباشرة للعدوان الاسرائيلي على لبنان، وكنت اعمل مع زميلتي زاهرة حرب يومها، وحصلت المجزرة أمام أعيننا وغطيناها مباشرة، بالصوت والصورة، ما شكل صدمة كبيرة للعالم، خصوصاً وأن إسرائيل كانت تقصف لبنان لمدة ستة أيام دون أن يهتم أحد، حتى حصلت هذه المجزرة ونقلناها للعالم مباشرة، وكان تلفزيون لبنان قد بدأ بثه الفضائي، وشاهد العالم كله صور هذه المجزرة البشعة، ونقلت الفضائيات حول العالم ما صورناه، وكنت أبكي خلال التغطية، ما شكل عنصراً إضافياً للتعاطف الدولي، وأجبرت هذه المجزرة واشنطن على التدخل بثقلها الكامل لإيقاف الحرب، ومن بعدها بتنا الثنائي الأشهر على الشاشة  أنا وزاهرة".

النصر الإعلامي العربي الأول على إسرائيلويكمل زافين روايته: "زاهرة إنتقلت الى لندن، وهي تتواجد حالياً هناك، وقدمت رسالة دكتوراه حول تغطية مجزرة قانا ومن ضمن النتائج التي خلصت اليها دراستها ان هذا كان اول انتصار اعلامي عربي على إسرائيل ، أجبر العالم على التعاطف مع العرب وليس العكس.

إميل لحود و 5/7اما كيف تحول من مراسل حربي الى البرامج الحوارية، يقول: "مع عملي كمراسل كنت بدأت بتقديم برنامج 5/7 وكان برنامجا سياسيا إجتماعيا، وحققت حلقات كثيرة جدلاً  واسعاً منها حلقة استضفت فيها حسن نصرالله، وكانت اول مرة يظهر فيها على التلفزيون بمقابلة مباشرة، بالاضافة لأول استضافة لهيفاء وهبي واول تعريف للناس بها، وقصص اخرى كبيرة، وفي شباط من عام  1999 قدمت حلقة عن الفقر والبطالة بلبنان، وكان اميل لحود قد استلم الرئاسة حديثاُ، وكانت هناك خطة لايقاف البرامج الحوارية على التلفزيونات، وكنت الضحية الاولى ومن بعدي ماجي فرح، وسمير قصير".

سيرة وإنفتحتيقول زافين: "كانت بداية مرحلة جديدة من السياسة اللبنانية وتعرف "بالنظام الأمني اللبناني السوري"، بقيت موقوفاً لمدة ثلاثة الى اربعة اشهر والوعود والمماطلة مستمرة، ثم فقدت الأمل، ووقتها تلقيت عرضين الاول من المستقبل والثاني من قناة الجزيرة وكانت في بدايتها، وقررت الذهاب الى تلفزيون المستقبل، ومنذ ذلك الحين قررت الابتعاد عن السياسة فكان برنامج "سيرة وانفتحت" ذو طابع اجتماعي بحت، ويناقش قضايا أنية ساخنة وإكتسب شهرة واسعة.
وحول سبب تراجع تأثير التلفزيون في المرحلة الحالية، يرى زافين أن فترة التسعينات كانت غنية تلفزيونياً لأن "السوشيال ميديا"  لم تكن حاضرة في المشهد، فالفضائيات كانت وسيلة الناس لمعرفة ما يحصل من حولهم، بينما الآن اختلف الوضع، والتلفزيون لم يعد المصدر الرئيس للخبر، لانك بت تعرفين بالحدث وهو يحصل قبل ان يصل الى الشاشة.

طوني خليفة (الجديد – القاهرة والناس)
بدأ طوني خليفة بدراسة الحقوق لكنه سرعان ما تحول إلى العلوم السياسية، ودخل مجال الإعلام بالصدفة والتي لعبت دوراً متكرراً في حياته المهنية.
يتذكر طوني تلك المرحلة قائلاً: "بدأت عملي في مجال الإعلام خلال الحرب اللبنانية عبر إذاعة "لبنان الحر" كمحرر ومذيع أخبار، وكان الأمر وليد الصدفة والظروف، حيث نقلت الإذاعة مقرها بسبب الأحداث بالقرب من منزلي، وتعذر وصول بعض مذيعيها السابقين الى مبنى الإذاعة الجديد بسبب الحرب، فتطوعت للعمل فيها، وأثبت نفسي وبقيت معهم بعد عودتهم إلى مقرهم الأصلي لاحقاً".
الإعلامي اللبناني طوني خليفة
   من الإذاعة للتلفزيون بضربة حظ أخرى
وفي عام 1992 عندما أعيد فتح المناطق اللبنانية على بعضها، ولم تعد مقسمة إلى شرقية وغربية، أجريت أول إنتخابات نيابية بعد الحرب، وكانت محطة LBC تستعد لتغطية الإنتخابات، وفريق عملهم بحاجة لمراسلين إضافيين، فإستعانوا ببعض الإعلاميين العاملين في إذاعة "لبنان الحر" التابعة للمؤسسة نفسها، وتم إختياري من بينهم، فتحولت من العمل الإذاعي الى العمل التلفزيوني كمراسل، وإستمريت كذلك حتى عام 1995. ثم عملت كمذيع نشرة لغاية عام 1997.

خلاف بين حلاق ومذيعة نقله من مراسل لقارئ نشرةلعبت الصدفة مجدداً دوراً في تحوله الى مذيع وقارئ نشرة والسبب خلاف بين مصفف الشعر ومذيعة شهيرة تسبب بغضبها ومغادرتها المحطة قبل ساعة من موعد النشرة، وكان ليلتها المراسل الليلي المناوب في المحطة، وعرض عليه ان يقدم النشرة بدلاً منها إنقاذاً للموقف بما أنه قارئ نشرة في الإذاعة.
يقول طوني: "سئلت اذا كانت لدي الجرأة للظهور على الهواء وقراءة النشرة، وكان قراراً خطيراً، صحيح أن الصدفة كانت موجودة بإستمرار في حياتي لكن "القرار المغامرة" كان ما يثبت هذه الصدفة ويدفعني للأمام، ورغم وجود زملاء آخرين كانوا يتدربون بالفعل على قراءة النشرة، إلا أن أياً منهم لم يجرؤ على تقديمها، وأنا الذي لم يخضع لأي دورة تدريبية في هذا المجال، غامرت ووافقت، وأدى ذلك الى تثبيتي كمذيع وتحققت نقلة مهنية جديدة في حياتي.
بتخسر إذا ما بتلعبفي رمضان عام 1997 بالصدفة أيضاً إستمع إلي الشيخ بيار الضاهر عبر إذاعة لبنان الحر، وكنت أقدم في حينها برنامج منوعات ليلي، وكانت ال LBC في بداية مرحلة بثها الفضائي، والزميل ميشيل قزي يقدم برنامجاً على قناة المستقبل لاقى نجاحاً كبيراً ، خصوصاً في منطقة الخليج، و ال LBC تريد إنتاج برنامج ينافسه، لذا عندما سمعني بيار الضاهر على الإذاعة، لم يكن يعرف بأنني أنا طوني مذيع الأخبار في المحطة هو نفسه مقدم البرنامج الإذاعي الذي أعجبه، وعندما سأل وعرف، ارسل ورائي فذهبت للقائه، وطلب مني تقديم برنامج منوعات في رمضان، ووافقت لكنني إشترطت عليه أن أعود بعدها كمذيع أخبار، ووافق، وقدمت في حينها برنامجاً بعنوان "بتخسر إذا ما بتلعب" وحقق نجاحاً كبيراً، وعندما حاولت العودة كمذيع أخبار بعد إنتهاء شهر رمضان رفض، وقال لدي مذيعي أخبار كثر، ولكن ليس لدي غيرك ليقدم هذه النوعية من البرامج، وعرض علي مبلغاً كبيراً من المال للإستمرار بتقديم برامج المنوعات، وكان المبلغ المعروض عشرة أَضعاف راتبي كمذيع، وهذه كانت نقطة التحول التي حققت لي الشهرة عربياً.
ساعة بقرب الحبيبأما كيف تحول من تقديم برامج ألعاب ومنوعات، الى البرامج الحوارية الفنية، يقول: شعرت بالرغبة في التغيير، فأنا من النوع الذي يرفض القولبة، ولم أحصر حالي في شكل معين من البرامج مطلقاً، حتى لو إنطوى ذلك على المغامرة، لذا قدمت لهم فكرة برنامج "ساعة بقرب الحبيب" وأعجبتهم، لكن المخرج سيمون أسمر إعترض على تقديمي له، لأنه كان يرى أن برنامجاً كهذا يجب أن تقدمه إمرأة شهيرة، فأتى بمادلين طبر في حينها لتقديمه، لكنني ناضلت لأجل فكرتي وهددت بمقاضاتهم لأنها كانت مسجلة بإسمي وأمتلك حقوقها، فإستعدت البرنامج وقدمته، وكان نقطة تحول جديدة في حياتي.
لمن يجرؤ فقطلكن وبرأي طوني فإن "لمن يجرؤ فقط" هو البرنامج الذي توج مسيرته الإعلامية وخلق له أسلوباً خاصاً به يختلف عن السائد، والذي إشتهر به سواء كان يعتبره البعض إستفزازياً أو جريئاً.
يقول عن خلافه مع المخرج الشهير: "إصطدمت وقتها بمدرسة سيمون أسمر في تلميع الضيوف، كما إعترف هو بعظمة لسانه بأنه صنع أكاذيب وصدقها الناس، وكان سبب الخلاف بيني وبينه أنني في برامجي كنت أظهر الوجه الآخر الحقيقي لهؤلاء النجوم، وهو الأمر الذي لم يتقبله آنذاك، فكل من دهنهم هو بطلاء الذهب جئت أنا وقشرتهم له، وأظهرت معدنهم الحقيقي.
وتعرضت لهجوم شديد من قبل الجميع، وكرهني الجميع، ولكن بما أنني كنت محاربا فهذا كان يعني أنني موجود، ولم أنم على أمجاد، وكنت دوماً أشعر بضرورة حدوث نقلة أفضل، فاللحظة التي تتوقف فيها عن التقدم والعطاء سيخونك تاريخك ولن يخدمك في هذه المهنة، لأن هناك دوماً من ينتظر الفرصة ليأخذ مكانك.
مصر التحدي الأكبرويعتبر نجاحه في مصر هو التحدي الأكبر في مسيرته الإعلامية، لأنه دخل بلداً لا يفقه شيئاً في سياسته أو زواريبه، وكانت قمة المغامرة والمخاطرة، لكنه تمكن من منافسة أكبر إعلامييه، وأثبت نفسه بينهم. وتفوق على بعضهم، ونال جوائز عديدة، والمسيرة لا تزال مستمرة.
نادين البدير (روتانا خليجية)تروي نادين البدير حكايتها بطريقتها فتقول: "نقطة التحول الأولى في حياتي أني ولدت أنثى. لم اكن أعلم أني سأواجه مجتمعا ذكوريا. وعائلتي لم تكن تعلم أن ابنة مشاغبة في طريقها إليهم. لكنه القدر.
لم أكن صامتة كنت متمردة ودائما أسأل : لماذا ؟
هذا السؤال يزعج الأذن العربية كثيرا. أذكر في سن الثانية عشرة قالت لي إحدى سيدات العائلة : البنت إذا تمردت (تندعس) حتى تخمد ثورتها. لحظتها قلت في نفسي : ما كل هذا العنف؟ وهذا الخوف من تمرد بنت مشكلتها في الحياة أنها تريد طريقاً مختلفاً. الغريب أني كنت أحلم أحلاماً مستحيلة رغم علمي بأنها ممنوعة. كنت أريد أن أصبح رائدة فضاء، وأكرر على مسمع أهلي دائما هذا الأمر. أشتري موسوعات عن الفضاء أكسبتني معلومات قيمة الآن، وأتخيل أني سأصل للكواكب وأتنقل بينها. وفي الثانوية أصبحت أهوى السياسة وأكرر ذلك لعائلتي، ربما لذلك فكرت إحداهن (بدعسي). الآن أضحك كلما تذكرت هذه الحادثة لأن أحداً لم يتمكن من إخماد صوتي الذي تعدى العائلة ووصل للملايين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق